للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالصّواب في العبارة: أجمعوا على أنّ المطلقة قبل المسيس والخلوة لا عدّة عليها، وعبارة الشّرح: كلّ امرأةٍ فارقها زوجها قبل الخلوة فلا عدّة عليها أجمع العلماء على ذلك. ثم قال بعد ذلك: ولا خلاف بين أهل العلم في وجوبها على المطلقة بعد المسيس.

فأمّا إن خلا بها، ولم يصبها ثم طلّقها، فإنّ العدّة تجب عليها. روي ذلك عن الخلفاء الرّاشدين وزيد وابن عمر. وبه قال عروة وعلي بن الحسين وعطاء والزّهري والثّوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرّأي والشّافعي في قديم قوليه. وقال في الجديد: لا عدّة عليها، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}، [الأحزاب، من الآية: ٤٩]. وهذا نصّ؛ ولأنّها مطلقة لم تمس فأشبهت مَن لم يخل بها.

ولنا إجماع الصّحابة. فروى الإمام أحمد والأثر بإسنادهما عن زرارة بن أبي أوفى قال: قضى الخلفاء الرّاشدون أنّ مَن أرخى سترًا أو أغلق بابًا فقد وجب المهر، ووجبت العدّة، ورواه أيضًا عن الأحنف عن عمر وعليّ وعن سعيد بن المسيب عن ابن عمر وزيد بن ثاب -رضي الله عنهم-. وهذه قضايا اشتهرت فلم تنكر فصارت إجماعًا. وضعّف أحمد ما روي في خلاف ذلك؛ ولأنّه عقد على المنافع فالتّمكين فيه يجري مجرى الاستيفاء في الأحكام كعقد الإجارة، والآية مخصوصة بما ذكرنا، ولا يصحّ القياس على مَن لم يخل بها؛ لأنّه لم يوجد التّمكن. انتهى.

وقال في الإنصاف: وإن خلا بها وهي مطاوعة فعليها العدّة سواء كان بهما أو بأحدهما مانع من الوطء كالإحرام والصّيام والحيض والنّفاس والمرض والجبّ والعنة، أو لم يكن. هذا المذهب مطلقًا بشرطه الآتي، سواء كان

<<  <  ج: ص:  >  >>