برؤية الهلال، وما ذكر لك عبد الرّحمن النّميري أنِّي ذكرت لك شيئًا في ذلك عن العسكري فعبد الرّحمن يثبت لكن ما حضرنِي الآن. والذي يظهر لي العمل به والاعتماد عليه في ذلك؛ لأنّ الفقهاء ذكروا أنّه إذا رئي هلال رمضان بمكان لزم جميع النّاس الصّوم، وإنّما يثبت ذلك غالبًا في حقّ غير أهل موضع الرّؤية بإخبار الثّقات فرعًا عن أصل وخطوط القضاة، بل أهل موضع الرّؤية ليسوا كلّهم يأتون إلى الشّاهد برؤية الهلال ليسمعوا شهادته، بل يعتمدون على إخبار بعضهم بضعًا عن الشّاهد؛ كشهادة الفرع على الأصل، فإذا تقرّر قبول خبر الفرع أو شهادته في ذلك، فكذا كتاب القاضي؛ لأنّ الفقهاء ذكروا أنّه لا تقبل الشّهادة على الشّهادة إلّا فيما يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي، وأنّ كتاب القاضي حكمه كالشّهادة على الشّهادة، وكلامه في الكافي صريح في قبول الشّهادة على الشّهادة في ذلك لما ذكر وجهين في قبول قول المرأة في هلال رمضان. قال في تعليل الوجه الثّاني: وهذا لا يقبل فيه شهادة الفرع مع إمكان شهادة الأصلن فدلّ كلامه على قبول شهادة الفرع مع عدم الإمكان، ونظره صاحب الفروع بقوله: كذا قال. والذي يظهر لي أنّ تنظيره إنّما هو اعتباره لقبول شهادة الفرع إمكان شاهد الأصل، كما قدّمنا أنّ المسلمين يعتمدون على ذلك مع الإمكان وعدمه. والله سحبانه وتعالى أعلم.
ولعلّك وفقت على قول شارح الإقناع عند قول المتن في حكم كتاب القاضي: لا يقبل في حدّ الله كالزّنا ونحوه. قال الشّارح: وكالعبادات ووجه ذلك؛ أنّه لا مدخل لحكمه في عبادة، فكذا كتابه. قال الشّيخ تقيّ الدِّين: أمور الدِّين والعبادات المشتركة لا يحكم فيها إلّا الله ورسوله إجماعًا.