على الماضي معلوم من الكتاب والسّنة، ونحو هذا التّعليق يُسَمّى حلفًا؛ لأنّ التّعليق الذي يقصد به الحنث على فعلٍ أو المنع منه أو يراد به تصديق خبرٍ أو تكذيبه يُسمَّى حلفًا. وأمّا التّعليق الذي لا يقصد به شيء من ذلك فلا يُسَمَّى حلفًا على الصّحيح من المذهب. فلو قال: إن كنت فعلت كذا فزوجتِي طالق، وكان قد فعله حنث، وكذا لو قال: إن لم أكن فعلت كذا فزوجتِي طالق، أو فعبدي حرّ، وكان لم يفعله حنث إن لم يتأوّل حيث جاز التّاويل كما ذكره في باب التّأويل في الحلف. وما ذكرتموه من كلام منصور بأنّ المعلّق عليه لا يكون ماضيًا، فلعلّ مراده إذا تجرّد الشّرط عن لفظ كان، كما قال القاضي فيما روي عن أحمد في رجلٍ قال لامرأته: إن وهبت كذا فأنت طالق، وإذا هي قد وهبته. قال الإمام: أخاف أن يكون قد حنث.
قال القاضي: هذا محمول على أنّه قال: إن كنت قد وهبته، وإلّا فلا يحنث حتّى تبتدئ هبته. انتهى. فإذا اتّصلت كان بأداة الشّرط جاز كون المعلّق عليه ماضيًا وحالًا.
وقال م. ص: وقد يكون المعلّق عليه موجودًا في الحال، وقد يكون مستقبلًا ولا يكون ماضيًا، ولذلك تقلب أدوات الشّرط الماضي إلى الاستقبال، فدلّ قوله: وكذلك ... الخ على أنّ مراده بقوله: ولا يكون ماضيًا، إذا تجرّد من كان؛ لأنّ الماضي إذا اقترنت به كان لا يكون مستقبلًا، بل يبقى على مضيه، وهي إنّما تقلب الماضي إلى الاستقبال إذا لم تقترن بكان أو يكون أو مضارعًا، فدلّ قوله: ولذلك الخ، تقلب أدوات الشّرط، آخر ما وجد من هذه الرّسالة. والله أعلم.