أنّ العوام المقلّدين مؤمنون وإنه يكتفى منهم بمجرّد اعتقاد الحق جزمًا من غير شكّ وتزلزل خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة، وذلك لأنّه -صلّى الله عليه وسلّم- قرّر ضمامًا على ما اعتمد عليه في تعرف رسالته وصدقه ومجرد إخباره إيّاه بذلك ولم ينكر عليه ذلك ولا قال يجب عليك النّظر في معجزاتي والاستدلال بالأدلّة القطعيّة اهـ.
وأمّا من قال: إنّ هذه الأمور الّتي تفعل عند هذه المشاهد من دعا غير الله والنّذر والذّبح لهم إنّ هذا ليس بحرام، فإطلاق الكفر على هذا النّوع لا بأس به بل هذا كفر بلا شكّ، وأمّا من يوافق في الظّاهر على أنّ هذه الأمور شرك ويبطن خلاف ذلك فهو منافق نفاقًا أكبر، فإن كان يظهر منه بغض من قام بهذه الدّعوة الإسلاميّة عامة فهذا دليل نفاقه.
قال بعض العلماء في قول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الأنصار "لا يحبّهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا منافق" قال فمن أبغض من قام لنصرة دين الله وسنّة نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- استحق هذا الوصف وهو النّفاق، وأمّا من يبغض بعضًا دون بعض فقد يكون ذلك لسبب غير الدّين.
وأمّا من صرح بالسب فقد قال شيخ الإسلام تقيّ الدّين -رحمه الله- فيمن يسبّ أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: اختلف العلماء في حكمهم على قولين: قيل بكفرهم، وقيل بفسقهم، توقف أحمد في كفره وقتله، وقال يعاقب ويجلّد ويحبس حتّى يموت أو يرجع عن ذلك. قال وهذا هو المشهور من مذهب مالك اهـ.
فإذا كان هذا كلامهم في الّذي يسبّ أصحاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الّذين أثنى الله عليهم ورضي عنهم فغيرهم دونهم ولم يقل أحد من العلماء بكفر