فنقول -وبالله التّوفيق-: قد بعث الله محمّدًا -صلّى الله عليه وسلّم- بالتّوحيد الّذي دين جميع الرّسل، وحقيقته هو مضمون شهادة أن لا إله إلّا الله وهو أن يكون الله معبود الخلائق فلا يتعبدون لغيره بنوع من أنواع العبادة، ومخ العبادة هو الدّعاء ومنها: الخوف والرّجاء والتّوكّل والإنابة والذّبح والصّلاة وأنواع العبادة كثيرة، وهذا الأصل العظيم الّذي هو شرط في صحّة كلّ عمل.
(والأصل الثّاني): هو طاعة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- في أمره وتحكيمه في دقيق الأمور وجليلها وتعظيم شرعه ودينه والإذعان لأحكامه في أصول الدّين وفروعه:
(فالأوّل): ينافي الشّرك ولا يصحّ مع وجوده.
(والثّاني): ينافي البدع ولا يستقيم مع حدوثها، فإذا تحقق وجود هذين الأصلين علمًا وعملًا ودعوةً، وكان هذا دين أهل البلد أيّ بلد كان بأن عملوا به ودعوا إليه وكانوا أولياء لمن دان به ومعادين لمن خالفه فهم موحدون.
وأمّا إذا كان الشّرك فاشيًا مثل دعاء الكعبة والمقام والحطيم ودعاء الأنبياء والصّالحين، وإفشاء توابع الشّرك مثل الزّنا والرّبا وأنواع الظّلم ونبذ السّنن وراء الظّهر، وفشو البدع والضّلالات وصار التّحاكم إلى الأئمّة الظّلمة ونواب المشركين وصارت الدّعوة إلى غير القرآن والسّنة، وصار هذا معلومًا في أيّ بلد كان فلا يشكّ من له أدنى علم أنّ هذه البلاد محكوم عليها بأنّها بلاد كفر وشرك لاسيّما إذا كانوا معادين أهل التّوحيد وساعين في إزالة دينهم وفي تخريب بلاد الإسلام.
وإذا أردت إقامة الدّليل على ذلك وجدت القرآن كلّه فيه، وقد أجمع عليه العلماء فهو معلوم بالضّرورة عند كلّ عالم.
وأمّا قول القائل: ما ذكرتم من الشّرك إنّما هو من الأفاقية لا من أهل