للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم من التّعصب والاعتساف وصرف المعاني عن حقائقها إلى مالا تدلّ عليه ولا تفهم منه قال -رحمه الله-:

(فصل): وأمّا البركة فهي نوعان أحدها بركة هي فعله تبارك وتعالى، والفعل من بارك يتعدّى بنفسه تارة وبأداة على تارة وبأداة في تارة والمفعول منها مبارك وهو ما جعل كذلك فكان مباركًا بجعله تعالى.

(والنّوع الثّاني): بركة تضاف إليه تعالى إضافة الرّحمة والعزّة والفعل منها تبارك ولهذا لا يقال لغيره ذلك ولا يصلح إلّا له -عزّ وجلّ- فهو سبحانه المتبارك وعبده ورسوله المبارك وذلك كما قال المسيح: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم، من الآية:٣١] , فما بارك الله فيه وعليه فهو المبارك.

وأمّا صيغة تبارك فمختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه بقوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون، من الآية: ١٤]، {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [الزخرف، من الآية: ٨٥]، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان، من الآية: ١]، {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ} [الفرقان، من الآية: ١٠]، {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ} [الفرقان، من الآية: ١٠]، {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} [الفرقان، من الآية: ٦١]، أفلا تراها كيف أطردت في القرآن جارية عليه مختصّة به لا تطلق على غيره وجاءت على بناء السّعة والمبالغة كتعالى وتعاظم ونحوه فجاء بناء تبارك على بناء تعالى الّذي هو دال على كمال العلوّ ونهايته؛ فكذلك تبارك دال على كمال بركته وعظمتها وسعتها، وهذا معنى قول من قال من السّلف تبارك تعاظم، وقال آخر: إن مجيء البركات من قبله، فالبركة كلّها منه وقال غيره: كثرة خيره وإحسانه إلى خلقه، وقيل: اتّسعت رأفته ورحمته بهم، وقيل: تزايد على كلّ شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله، ومن هنا قيل: معناه تعالى وتعاظم، وقيل: تبارك تقدس وطهر الطّهارة، وقيل: تبارك أي: اسمه مبارك في كلّ شيء، وقيل: تبارك ارتفع المبارك المرتفع ذكره البغوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>