للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا دعا ربه ويتوجه بنبيه في دعائه معتمدا على الحديثين اللذين ذكرناهما، أو جهلا منه وغباوة، كيف حكمهم؟

(فالجواب) أن يقال: قد قدمنا الكلام على سؤال الميت، والاستغاثة به، وبينا الفرق بينه، وبين التوسل به في الدعاء، وأن سؤال الميت، والاستغاثة به في قضاء الحاجات وتفريج الكربات، من الشرك الأكبر الذي حرمه الله تعالى ورسوله، واتفقت الكتب الإلهية، والدعوات النبوية على تحريمه وتكفير فاعله والبراءة منه ومعاداته؛ ولكن في أزمنة الفترات، وغلبة الجهل لا يكفر الشخص المعين بذلك حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة، ويبين له ويعرف أن هذا هو الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله. فإذا بلغته الحجة، وتليت عليه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، ثم أصر على شركه فهو كافر؛ بخلاف من فعل ذلك جهالة منه ولم ينبه على ذلك. فالجاهل فعله كفر، ولكن لا يحكم بكفره إلا بعد بلوغ الحجة إليه؛ فإذا قامت عليه الحجة ثم أصر على شركه فقد كفر، ولو كان يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويصلي، ويزكي، ويؤمن بالأصول الستة.

وهذا الدين الذي ندعو إليه قد ظهر أمره، وشاع، وذاع، وملأ الأسماع من مدة طويلة، وأكثر الناس بدّعونا وأخرجونا وعادونا عنده، وقاتلونا واستحلوا دمائنا وأموالنا؛ ولم يكن لنا ذنب سوى تجريد التوحيد، والنهي عن دعوة غير الله، والاستغاثة بغيره، وما أحدث من البدع والمنكرات حتى غُلبوا وقهروا فعند ذلك أذعنوا، وأقروا بعد الإنكار. وأما من مات وهو يفعل الشرك جهلا لا عنادا، فهذا نكل أمره إلى الله تعالى، ولا ينبغي الدعاء له، والترحم عليه، والاستغفار له؛ وذلك لأن كثيرا من العلماء يقولون: من بلغه القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>