أصلها، فهو كما لو لم يُقَسَّم، فإن أدركه بعد القسم ففيه روايتان، إحداهما: يكون صاحبه أحق به من الثمن الذي حسب به على آخذه؛ وكذلك إن بيع، ثم قسم ثمنه فهو أحق به من الثمن، وهذا قول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي ومالك كي لا يُفضي إلى حرمان أخذه من الغنيمة، أو تضييع الثمن على المشتري، يعني: من الغنيمة وحقهما يُخيَّر بالثمن، فيرجع صاحب المال في عين ماله بمنزلة مشتري الشقص لمشفوع.
والرواية الثانية: أنه لا حق له فيه بعد القسمة بحال، نص عليه أحمد في رواية أبي داود وغيره، وهو قول عمر وسلمان وربيعة وعطاء والنخعي والليث. وقال الشافعي وابن المنذر: يأخذه صاحبه قبل القسمة وبعدها، ويعطى مشتريه ثمنه من خمس المصالح، لأنه لم يزل عن ملك صاحبه، فوجب أن يستحق بغير شيء كما قبل القسمة، ويعطى من حسبت عليه القيمة لئلا يفضي إلى حرمان أخذه حقه من الغنيمة، وجعل من سهم المصالح؛ لأن هذا منها، فإن أخذه أحد الرعية بهبة أو سرقة أو بغير شيء فصاحبه أحق به من غير شيء. وقال أبو حنيفة: لا يأخذه إلا بالقيمة، وهو محجوج بحديث ناقة النبي صلى الله عليه وسلم المتقدم؛ ولأنه لم يحصل في يده بعوض، فصار صاحبه أحق به من غير شيء كما لو أدركه في الغنيمة قبل القسمة، فأما إن اشتراه رجل من العدو فليس لصاحبه أخذه إلا بثمنه.
وهذا كله إنما هو في الكافر الأصلي، أما المرتد فلا يملك مال المسلم بحال عند جميع العلماء، ولا يُعْلَم أحد قال به، وقد تتبعت كتب الخلاف كالمغني والقواعد والإنصاف وغيرها، فما رأيت خلافا في أنه لا يملكه، وإنما الخلاف فيما أتلفه إذا كان في طائفة ممتنعة أو لحق بدار الحرب