للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمسين يمينًا عند الجمهور مالك والشافعي وأحمد كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم -في قصة القتيل الذي وجد بخيبر، فإن لم يحلفوا حلف المدعى عليه. ومذهب أبي حنيفة يحلف المدعى عليهم أولا؛ فإن مذهبه أن اليمين لا تكون إلا في جانب المدعى عليه.

والجمهور يقولون: هي في جنبه أقوى المتداعيين، فأما إذا عرف القاتل، فإن كان قتله لأخذ مال فهو محارب يقتله الإمام حدا، وليس لأحد أن يعفو عنه لا أولياء المقتول ولا غيرهم، وإن قتل لأمر خاص، فهذا أمره إلى أولياء المقتول، فإن عفوا عنه ... ١ وللإمام في مذهب مالك أن يجلده مائة جلدة ويحبسه سنة، فهذا التعزير يُحَصِّلُ المقصود.

وعلى هذا، فإن كان أولياء المقتول قد رضوا بقتل صاحبهم فلا أرغم الله إلا بآنافهم، وإذا قيل: توضع الدية في بعض الصور على أهل المكان مع القسامة، فالدية لورثة المقتول لا لبيت المال، ولم يقل أحد من الأئمة: إن دية المقتول لبيت المال، وكذلك لا توضع الدية بدون قسامة باتفاق الأئمة.

وهؤلاء المعروفون بالفتن والعناد، لولي الأمر أن يمسك منهم مَنْ عرف بذلك فيحبسه، وله أن ينقله إلى أرض أخرى ليكف بذلك عدوانه، وله أن يعزر أيضا مَنْ ظهر الشر منه بما يكف به شره وعدوانه. ففي العقوبات الجارية على سنن العدل والشرع ما يعصم الدماء والأموال، ويغني ولاة الأمور عن وضع جنايات تفسد العباد والبلاد.

ومن اتُّهِمَ بقتلٍ وكان معروفا بالفجور، فلولي الأمر عند طائفة من العلماء أن يعاقبه تعزيرا على فجوره وتقريرا له؛ وبهذا وأمثاله يحصل مقصود السياسة العادلة. والله أعلم.

[فائي يأخذ منه رؤساء القرى شيئا يضيفون به المنقطعين وغيرهم]

(مسألة) في رجل فائي يأخذ منه رؤساء القرى شيئا يضيفون به


١ هكذا في الأصل، بلا جواب الشرط وهو: سقط القود ووجبت الدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>