للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عراة غرلا"١.

قال الأئمة: أي غير مختونين ترد إليه الجلدة التي قطعت بالختان، وكذا يرد إليه كل ما كان فارقه في الحياة كالشعر والظفر، ليذوق نعيم الثواب أو أليم العقاب؛ فتكون تلك الأجزاء جميعها مع الإنسان في الجنة أو النار حتى تذوق النعيم أو العذاب.

ومما يدل على ذلك ما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال في حق الكافر: السلسلة تدخل من إسته حتى تخرج من فيه، ثم يُنْظَمُونَ فيها كما يُنْظَمُ الجراد في العود ثم يشوى. وأخرج الشيخان عن أبي هريرة رفعه: "ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع"٢، ٣ ولمسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كل من يدخل الجنة على صورة آدم، وطوله ستون ذراعا"٤.

وللترمذي وغيره: "من مات من أهل الدنيا صغيرا أو كبيرا يُرَدُّونَ أبناء ثلاث وثلاثين في الجنة، لا يزيدون عليها أبدا، وكذلك أهل النار"٥ وفي رواية عند ابن أبي الدنيا: "على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك، وعلى حُسْن يوسف، وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين، وعلى لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- جُرْدًا مُرْدًا مُكَحَّلِينَ".

واعلم أن أهل السنة أجمعوا على أن الأجساد تعاد كما كانت في الدنيا بأعيانها وألوانها وأعراضها وأوصافها، ولا ينافي ذلك ما في بعض حديث الصور الطويل: "يخرجون منها شبانا أبناء ثلاث وثلاثين سنة"٦؛ لأن هذا من حيث السن، فهم مستوون فيه. والذي دل عليه القرآن أن السقط والطفل يحشران على قدرهما، وحينئذ فهما مستثنيان من الحديث أعني: قوله: "أبناء ثلاث وثلاثين سنة". هذا كله إن صح الحديث، وإلا فقضية


١ مسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٦٠) , والترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٢٣) وتفسير القرآن (٣١٦٧) , والنسائي: الجنائز (٢٠٨٢) , والدارمي: الرقاق (٢٨٠٢).
٢ البخاري: الرقاق (٦٥٥٣) , ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٥٢).
٣ سقط هنا روايات، وقوله بعده: ولمسلم هو مَعْزُوٌّ في الفتاوى الحديثية إلى الشيخين كليهما.
٤ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٣٢٦) , ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٤١) , وأحمد (٢/ ٣١٥).
٥ الترمذي: صفة الجنة (٩٩٩٩).
٦ الترمذي: صفة الجنة (٢٥٤٥) , وأحمد (٥/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>