لأن الظاهر صدقه، وإن ادعى أكثر فالقول قول رب المال فيما زاد على أجرة المثل، كالزوجين إذا اختلفا في الصداق. وقال الشافعي: يتحالفان لأنهما اختلفا في عوض عقد فيتحالفان كالمتبايعين؛ ولنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولكن اليمين على المدعى عليه"١ ولأنه اختلاف في المضاربة فلم يتحالفا كسائر اختلافهما؛ والمتبايعان يرجعان إلى رؤوس أموالهم بخلاف ما نحن فيه.
[أعطى ثوبه خياطا بلا عقد ثم اختلفا في قدر الأجرة]
(وأما المسألة الثانية عشر): وهي إذا أعطى ثوبه خياطا بلا عقد؛ ثم اختلفا في قدر الأجرة؛ فقال في الشرح: إذا دفع ثوبه إلى خياط ليخيطه أو قصار ليقصره من غير عقد ولا شرط ولا تعريض بأجرة؛ مثل أن يقول: خذ هذا فاعمله، وأنا أعلم أنك إنما تعمل بأجرة؛ وكان القصار والخياط منتصبين لذلك ففعلا ذلك، فلهما الأجرة لأن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول؛ فصار كعقد البلد، ولأن شاهد الحال يقتضيه فصار كالتعريض.
فأما إن لم يكونا منتصبين لذلك: لم يستحقا أجرة إلا بعقد أو شرط أو تعريض به؛ لأنه لم يجر عرف يقوم مقام العقد، فهو كما لو تبرع به. وفي المسألة قول آخر: له الأجرة مطلقا سواء كان منتصبا للعمل بأجرة أو لم يكن؛ قال في الإنصاف: وهو الصحيح من المذهب؛ وعليه كثير من الأصحاب.
[اختلف المعير والمستعير في الدابة بعد مضي المدة]
(وأما المسألة الثالثة عشر): إذا اختلف المعير والمستعير في الدابة بعد مضي المدة؛ فقال المالك: أجرتك؛ وقال الآخر: أعرتني ولا بينة لهما؛ فقال في الشرح: إذا اختلف الراكب ورب الدابة، فقال المالك: هي عارية، وقال رب الدابة: أكريتكها، وكانت الدابة باقية لم تنقص، وكان الاختلاف عقيب العقد: فالقول قول الراكب؛ لأن الأصل عدم عقد الإجارة وطرد الدابة