ولأنه عدل تقبل شهادته في غير هذا الموضع، فتقبل فيه.
[شهادة الوالد على ابنه وابن ابنه]
(وأما المسألة الحادية والعشرون): وهي شهادة الوالد على ابنه وابن ابنه، فهي مقبولة نص على ذلك الإمام أحمد، وهو قول عامة أهل العلم، وذلك لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} ١ فأمر بالشهادة، ولو لم تقبل لما أمر بها؛ ولأنها إنما ردت شهادته له في التهمة في إيصال النفع، ولا تهمة في شهادته عليه؛ فوجب أن تقبل كشهادة الأجنبي، بل أولى أن يتهم له، ولا يتهم عليه، فشهادته عليه له أبلغ في الصدق كشهادته على نفسه.
[الشهادة بالاستفاضة والشهرة]
(وأما المسألة الثانية والعشرون): وهي الشهادة بالاستفاضة والشهرة، فهي صحيحة فيما يتعذر علمه في الغالب إلا بذلك كالنسب والموت والملك والنكاح والخلع والوقف ومصرفه والعتق والولاء والولاية والعزل، وما أشبه ذلك.
قال الخرقي: وما تظاهرت به الأخبار، واستقرت معرفته في قلبه شهد به، كالشهادة على النسب والولادة. وقد أجمع أهل العلم على صحة الشهادة بالنسب بالاستفاضة، وكذلك الشهادة بالاستفاضة في الجرح والتعديل، فما يجرح به الشاهد وغيره مما يقدح في عدالته ودينه، فإنه يشهد به إذا علمه الشاهد بالاستفاضة، ويكون ذلك قدحا شرعيا، قاله الشيخ تقي الدين، قال: وقد صرح بذلك طوائف الفقهاء من الشافعية، والمالكية، والحنبلية، وغيرهم في كتبهم الصغار والكبار، صرحوا فيما إذا جرح الرجل جرحا مفيدا أنه يجرح الجارح بما سمعه منه، أو رآه، أو استفاض، وما أعلم في هذا نزاعا بين المسلمين، فإن المسلمين كلهم يشهدون في مثل وقتنا، في مثل عمر بن عبد العزيز والحسن والبصري، وأمثالهما من العدل والدين، بما لم يعلموه إلا بالاستفاضة، ويشهدون في مثل الحجاج بن يوسف، والمختار بن عبيد، ونحوهم بالظلم والبدعة بما لم يعلموه