للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رقبته صامت، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد بلغتك".

وأخبر صلى الله عليه وسلم أن هدايا العمال غلول، فقال: "هدايا العمال غلول"١. فينبغي التفطن لهذه الأمور لئلا يقع فيها وهو لا يدري.

وكذلك ينبغي تفقد أمر الناس في الحج، والقيام على من تركه وهو يستطيعه، وهو ركن من أركان الإسلام؛ ويذكر عن عمر أنه قال: لقد هممت أن أضع الجزية على من ترك الحج. وبعض السلف يكفر من تركه، وأمر الرعية بذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي لا يسع أحدا تركه.

وكذلك القيام على الناس (ومنعهم) عن التعدي في الدماء والأموال وقطع السبيل، فهذا من الفساد في الأرض، والمحاربة لله ورسوله؛ فإن لم ينتهوا إلا بغزوهم لزم الإمام أن يبعث السرايا لحربهم. ولما تعرض الفجاء السلمي للناس يأخذ ويقتل من مسلم وكافر، بعث أبو بكر رضي الله عنه جيشا فظفروا به فأحرقه بالنار. ويذكر عن حسان أنه قال:

وما الدين إلا أن تقام شريعة ... وتأمن سبل بيننا وشعاب

وكذلك ما حدث من الدفنان للبادية إذا أخذوا المسلمين، وقتلوا لما فيه من ترك حقوق المسلمين في الدماء والأموال مع القدرة على استيفائها، والقيام بالعدل الذي أمر الله به ورسوله كما قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ} ٢ الآية.

فتأمل هذه الموعظة، وما ختمها به من هذين الوصفين العظيمين وقال -تعالى-: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ٣ الآية.

فالواجب على من نصح نفسه أن لا يحكم إلا بحكم الله ورسوله، فإن لم


١ أحمد (٥/ ٤٢٤).
٢ سورة النساء آية: ٥٨.
٣ سورة النساء آية: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>