للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل فوق هذا البيان بيان؟ وقال -تعالى-: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} ١، فكفرهم بطلبهم من غيره أن يقربهم إليه، وقد تقدم بعض الأدلة على النهي عن دعوة غير الله والتغليظ في ذلك، وأنه في غاية الضلال، وأنه شرك بالله وكفر به، كما قال: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ٢.

فمن أراد النجاة فعليه بالتمسك بالوحيين الذين هما حبل الله، وليدع عنه بنيات الطريق كما قال -تعالى-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ٣، وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم الصراط المستقيم، وخط خطوطا عن يمينه، وعن شماله، وقال: "هذه هي السبل، وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه"٤ والحديث في الصحيح وغيره عن عبد الله ابن مسعود، وكل من زاغ عن الهدى، وعارض أدلة الكتاب والسنة بزخرف أهل الأهواء فهو شيطان.

[فصل في معارضة المشركين لدعوة التوحيد]

فصل

والعاقل إذا تأمل ما عارض به أولئك الدعاة إلى الشرك بالله في عبادته كابن كمال وغيره، من دعاء الناس إلى إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، فالعاقل يعلم أن معارضتهم له قد اشتملت على أمور كثيرة منها:

(الأمر الأول): أنهم أنكروا ما جاءت به الرسل من توحيد العبادة، وما نزلت فيه الكتب الإلهية من هذا التوحيد؛ فهم في الحقيقة إنما عارضوا الرسل، والكتب المنزلة عليهم من عند الله.


١ سورة الزمر آية: ٣.
٢ سورة المؤمنون آية: ١١٧.
٣ سورة الأنعام آية: ١٥٣.
٤ أحمد (١/ ٤٣٥) , والدارمي: المقدمة (٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>