للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلب ما هو الأهم، والنحو إنما يراد لغيره؛ فيأخذ الرجل منه ما يصلح لسانه. فانشر ما علمت من العلم خصوصا علم التوحيد، الذي هو في الآيات المحكمات كالشمس في نحر الظهيرة لمن رغب فيه، وأحبه، وأقبل عليه، وقد عرفت أن كتمان العلم مذموم بالكتاب والسنة، كما قال –تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ١ وقد أرشد الله–تعالى- عباده إلى تدبر كتابه، وذَمَّ مَنْ لم يتدبره، وقد قال –تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ٢.

وأخبر عن جن نصيبين أنهم لما سمعوا قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- للقرآن بوادي نخلة منصرفة من الطائف: {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ} ٣ الآية، وأخبر -تعالى- عنهم في سورة الجن أنهم أنكروا الشرك الذي كان يفعله الإنس مع الجن من الاستعاذة بهم إذا نزلوا واديا. وأخبر تعالى عن هدهد سليمان أنه أنكر الشرك، وهو طائر من جملة الطير، قال -تعالى-: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ ِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ٤ الآية، فحدث الهدهد سليمان -عليه السلام- بما رآهم يفعلونه من السجود لغير الله، والسجود نوع من أنواع العبادة؛ فليت أكثر الناس عرفوا من الشرك ما عرفه الهدهد فأنكروه


١ سورة البقرة آية: ١٥٩.
٢ سورة العنكبوت آية: ٥١.
٣ سورة الأحقاف آية: ٢٩.
٤ سورة النمل آية: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>