للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أنزل الله به من سلطان، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} ١.

[بطلان شبهة المشركين في دعاء غير الله]

وأما سؤاله عن رجل بنى في جوار قبر صالح لإفاضة الفيوضات عليه وإصابه البركات، ورجل جلس مراقبة على قبر صالح.

(فالجواب) من أخبر هذا المغرور أن بركة هذا المدفون تفيض عليه، وهذا من جنس ما قبله مما زين الشيطان، وأجراه على ألسن المغرورين المفتونين الذين أعرضوا عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ ولما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، قال: "أجعلتني لله ندا؟! قل: ما شاء الله وحده"، وقال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"٢.

وقد صان الله قبر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن صار قبره في حجرته، حذرا من هذه الأمور التي نهى عنها، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا، وقال صلى الله عليه وسلم: "إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو"٣. والضابط أن ما كان يفعل مع الميت من رفع الأصوات على جنازته، والتبرك به وبتربته، والنذر له، وغير ذلك من الشرك كالذبائح والنذور التي يقصد بها الميت، حرام، وهي مما أهل به لغير الله، كما صرح به القرآن؛ قال -تعالى-: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} ٤.

وقد تضمنت هذه الأفعال التي ذكرت الشرك والبدع والغلو في الدين وخالف أهلها وصادموا ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه من إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله -تعالى-، وتوجيه الوجه والقلب إلى الله -تعالى- بجميع الإرادات الشرعية، والأحوال الدينية. وقد أبطل الله في


١ سورة النجم آية: ٢٣.
٢ مالك: النداء للصلاة (٤١٦).
٣ النسائي: مناسك الحج (٣٠٥٧).
٤ سورة المائدة آية: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>