للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسلامًا وإيمانًا كما في حديث وفد عبد القيس حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "آمركم بالإيمان بالله وحده؛ أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله أعلم ورسوله، قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا خمس ما غنتم"١. فهذه الأعمال أُدخلت في الإيمان وهي الإسلام، لأن الإسلام اسم لجميع الأعمال الظاهرة والباطنة. فمن ترك شيئا من الواجبات، أو فعل شيئا من المحرمات نقص إيمانه بحسب ذلك، وهو دليل على نقصان أصل الإيمان، وهو إيمان القلب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الكلام على الإسلام، والإيمان، والإحسان، وما بين الثلاثة من العموم والخصوص: أما الإحسان فهو أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإيمان. والإيمان أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإسلام. فالإحسان يدخل فيه الإيمان، والإيمان يدخل فيه الإسلام، والمحسنون أخص من المؤمنين، والمؤمنون أخص من المسلمين. انتهى.

وهذا يبين ما قررناه، فحينئذ يتبين الإيمان الكامل الذي صاحبه يستحق عليه دخول الجنة والنجاة من النار، هو فعل الواجبات، وترك المحرمات، وهو الذي يطلق على من كان كذلك بلا قيد، وهو الإيمان الذي يسميه العلماء: الإيمان المطلق. وأما من لم يكن كذلك، بل فرط في بعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات، فإنه لا يطلق عليه الإيمان إلا بقيد فيقال: مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، أو يقال: مؤمن ناقص الإيمان، لكونه ترك بعض واجبات الإيمان، كما في حديث أبي هريرة: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"٢ أي ليس موصوفا بالإيمان الواجب الذي يستحق صاحبه


١ البخاري: المغازي (٤٣٦٨) , ومسلم: الإيمان (١٧) , والترمذي: الإيمان (٢٦١١) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٣١) , وأبو داود: الأشربة (٣٦٩٢).
٢ البخاري: المظالم والغصب (٢٤٧٥) , ومسلم: الإيمان (٥٧) , والترمذي: الإيمان (٢٦٢٥) , والنسائي: قطع السارق (٤٨٧٠,٤٨٧١) , وأبو داود: السنة (٤٦٨٩) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٣٦) , وأحمد (٢/ ٣١٧,٢/ ٣٨٦) , والدارمي: الأشربة (٢١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>