للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلده العيَينة*، فهاجر إلى الدرعية. فتلقاه شيخ البلد محمد بن سعود -رحمه الله- هو وأولاده وقرابته وأعيان أهل بلده، فقابلوا دعوته بالقبول، وجدوا في نصرته على ضعفهم وقلتهم، وكثرة عدوهم؛ واستصراخ أعدائهم الملوك عليهم، فما زالوا يرمونهم بقوس العداوة، وحزبوا عليهم مرارًا كثيرة من كل جهة، فأظهرهم الله على من عاداهم -على ضعفهم وقلتهم-، وأوقع بأسه بكل من عاداهم، حتى الملوك أهلكهم الله وأباد خضراءهم، وفي ذلك آيات لمن كان واعيا. وهذه الآية لا تخفى على من صحت بصيرته، وأما أعمى البصيرة فلا يبصر. وكلما كادهم عدو ورام إهلاكهم أهلكه الله، فما زالوا -بحمد الله- ظاهرين إلى يومنا هذا، {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِين َوَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ١. ولله در الشيخ حسين بن غنام، حيث قال لما ظهرت له أنوار التوحيد، أظهر ذلك في شعره نثرًا، وأجاب محمد بن فيروز في هجوه وسبه، ومنظومته موجودة في تاريخه، فمن قوله -رحمه الله-:

نفوس الورى إلا القليل ركونها ... إلى الغي لا يلفى لدين حنينها

فسل ربك التثبيت أي موحد ... فأنت على السمحاء باد يقينها

وغيرك في بيد الضلالة سائر ... وليس له إلا القبور يدينها

وأنت بمنهاج الشريعة سالك ... وسنة خير المرسلين تبينها

[فساد اعتقاد صلاح جميع الأمة]

قلت: ولا يخفى على ذوي البصائر أن من أعظم الجهل، وأبين الكذب، وأبعد الضلال، جحود من جحد أنه: ليس في هذه الأمة كافر ولا مشرك، ولا مبتدع، ولا فاسق، ولا ظالم. والقرآن كله من أوله إلى آخره يخبر عن الكفار والمشركين والمنافقين والفاسقين والظالمين، فسبحان الله! كيف


* في الأصل المطبوع: (العينية)، وهو خطأ مطبعي. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
١ سورة الجاثية آية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>