للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بد أن يذل له، ففسد الأصل بوجود الشرك فيه. ولا تحصل الغاية فيهما إلا بانتفاء الشرك، وقصر المحبة والتذلل لله وحده؛ وبهذا تصلح جميع الأعمال المشروعة، وهي المراد بقوله: وعليهما فلك العبادة دائر. والدائرة هي الأعمال، ولا تصلح إلا بمتابعة السنة.

وهذا معنى قول الفضيل بن عياض -رحمه الله- في قول الله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} ١ قال: "أخلصه وأصوبه". قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة".

[أقسام التوحيد]

وأما أقسام التوحيد فهي ثلاثة:

توحيد الإلهية: وهي العبادة كما تقدم، فهي تعلق بأعمال العبد وأقواله الباطنة والظاهرة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة".

قلت: فمن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك بالله، وهذا هو الذي أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب بالإنذار عنه، وترتبت عليه عقوبات الدنيا والآخرة في حق من لم يتب منه، ويسمى هذا التوحيد إذا كان لله وحده "توحيد القصد والطلب والإرادة" وهو الذي جحده المشركون من الأمم.

وقد بعث الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بالأمر به، والنهي عما ينافيه من الشرك، فأبى المشركون إلا التمسك بالشرك الذي عهدوه من أسلافهم، فجاهدهم صلى الله عليه وسلم على هذا الشرك، وعلى إخلاص العبادة لله وحده، كما قال تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} ٢ إلى قوله: {وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ


١ سورة هود آية: ٧.
٢ سورة ص آية: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>