للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذو مال كثير، ولا منزل لهؤلاء يُئْويهم ويستر خلتهم، فاشترى من زكاة ماله مسكنًا يُكِنَّهم من كَلَب الشتاء وحرِّ الشمس، أوكانوا عراة لا كسوة لهم، فكساهم ما يستر عوراتهم في صلاتهم، ويقيهم من الحر والبرد، أو رأى مملوكا عند مليكِ سوء قد اضطهده وأساء ملكته، فاستنقذه من رِقِّه بأن يشتريه فيعتقه، أو مَرّ به ابن سبيل بعيد الشّقة نائي الدار، قد انقطع به، فحمله إلى وطنه وأهله بِكِرَاءٍ أو شراء. هذه الخلال وما أشبهها التي لا تُنال إلا بالأموال الكثيرة، فلم تسمح نفس الفاعل أن يجعلها نافلة، فجعلها من زكاة ماله، أَمَا يكون هذا مؤديا للفرض؟ بلى، ثم يكون إن شاء محسنًا، وإني لخائف على مَن صَدّ مثله عن فعله؛ لأنه لا يجود بالتطوع، وهذا يمنعه بفتياه من الفريضة، فتضيع الحقوق ويعطب أهلها" (١).

وإن مما تجدر الإشارة إليه ضرورة مراعاة حال باقي فقراء البلد المستحقين، فمتى كان إيتاء كفاية العمر يؤدي إلى حرمان مستحقين آخرين من الزكاة فإنه يتعين الاقتصار على كفاية السنة، وإن كان لا يتسنى ضبط ذلك مع كثرة جهات توزيع الزكاة، وانعدام الدراسة للموارد الزكوية وواقع الفقراء ومتطلباتهم، لا سيما مع كثرتهم، مما يجعل كثيرا من مواطن البحث العلمي لتلك المسائل نظريًّا (٢).

...


(١) الأموال ١/ ٦٧٨.
(٢) ينظر مصارف الزكاة وتمليكها للعاني (ص ١٨٥)، وبحث مصرف الفقراء والمساكين للدكتور علي المحمدي، (ص ٢٤٤) ضمن أبحاث الندوة الثامنة لقضايا الزكاة المعاصرة.

<<  <   >  >>