للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" (١) (٢).

ولأنها عبادة تتنوع إلى فرض ونفل، فافتقرت إلى النية كالصلاة (٣).

وحُكِيَ عن الأوزاعي (٤) مخالفته للفقهاء فلم يوجب النية عند أداء الزكاة (٥).

واستدل لذلك: بأنها دَيْنٌ، فلا تجب لها النية، كسائر الديون، ولهذا يخرجها ولي اليتيم، ويأخذها السلطان من الممتنع (٦).


(١) رواه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي، برقم: (١) ورواه مسلم في كتاب الإمارة، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنية"، برقم: (١٩٠٧).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٤٠، المجموع ٦/ ١٥٧.
(٣) ينظر: المغني ٤/ ٨٨.
(٤) الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمِد، أبو عمرو الأوزاعي، ولد في حياة الصحابة سنة ٨٨ هـ، عالم أهل الشام، من الأئمة الذين كان لهم مذهب مُتَّبع، توفي سنة ١٥٧ هـ[ينظر: سير أعلام النبلاء (٦/ ٣٠٧)، تهذيب التهذيب (٧/ ٣٨)].
(٥) ينظر: المغني ٤/ ٨٨.
(٦) المرجع السابق، وقال القرافي: "الزكاة إن أخرجها أحد بغير علمِ مَنْ هي عليه أو غير إذنه في ذلك، فعلى ما قاله بعض أصحابنا من عدم اشتراط النية فيها تمسكا بقياسها على الديون، وبأخذ الإمام لها كرها، والإكراه مع النية متنافيان، ينبغي أن يجزئ فعل الغير فيها مطلقا، كالدين والوديعة ونحوهما، مما تقدم في القسم المجمع على صحة فعل غير المأمور به عن المأمور، وعلى ما قاله مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهم من اشتراط النية فيها لما فيها من شائبة التعبد من جهة مقاديرها في نصبها والواجب فيها وغير ذلك، فإن كان المخرج غير الإمام فمقتضى قول أصحابنا في الأضحية يذبحها غير ربها بغير علمه وإذنه أنها تجزئه إن كان الفاعل لذلك صديقه، ومن شأنه أن يفعل ذلك له بغير إذنه؛ لأنه بمنزلة نفسه عنده لتمكن الصداقة بينهما أن يجري مثله هنا، فيقال: إن الزكاة تجزئه إن كان مخرجها من هذا القبيل ضرورة أنّ كُلًّا منهما عبادة مأمور بها، مفتقرة للنية، وإن كان الفاعل ليس من هذا القبيل لا يجزئ عن ربها؛ لافتقارها للنية على الصحيح من المذهب" ٣/ ٣٣٧. إلا أنني لم أثبته قولًا للمالكية أعلاه؛ لأن نقل المذهب من الفروق غير مرتضى عند المالكية؛ لكون المؤلف مات قبل أن يحرر كتابه، كما يفيد بذلك قول ابن الشاط =

<<  <   >  >>