للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف تأويلهم في ذلك؛ وذلك أنهم عدوه عملاً كثيراً. قال ابن القاسم، عن مالك: أنه كان في النافلة؛ وهذا تأويل بعيد، فإن ظاهر الأحاديث: أنه كان في فريضة (١)، وتقدم ما ثبت في مسلم: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤم الناس، وأمامة على عاتقه (٢).

والظاهر: أن إمامته بالناس في المكتوبة، وأما في النافلة؛ فليست بمعهودة، يؤيد كونه في المكتوبة: حديث: بينما نحن ننتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر، أو العصر، وقد دعاه بلال إلى الصلاة، إذ خرج إلينا، وأمامة على عاتقه، فقام في مصلاه، فقمنا خلفه، فكبر، وكبرنا، وهي في مكانها" (٣).

وعند الزبير بن بكار، وتبعه السهيلي (٤): الصبح، ووهم من عزاه للصحيحين.

وقد كثرت أجوبة العلماء عن هذا الحديث، وقل أن يخلو منها من نظر؛ فقيل: منسوخ (٥)، وقيل: إن ذلك من خصائصه (٦)؛ وكل ذلك دعوى لا برهان عليها.

وحمل ذلك أهل العلم من المحققين على: أنه عمل غير متوال، فلا يبطل الصلاة (٧).


(١) قاله القرطبي في "المفهم" (٢/ ١٥٢).
(٢) برقم (٥٤٢/ ٤٢) عنده.
(٣) تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (٩٢٠).
(٤) انظر: "الروض الأنف" للسهيلي (٣/ ١٠٣).
(٥) قاله ابن عبدالبر في "التمهيد" (٢٠/ ٩٤)، فيما نقل عن الإمام مالك -رحمه الله-.
(٦) حكاه القاضي عياض في "إكمال المعلم" (٢/ ٤٧٥).
(٧) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>