للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي: ادعى بعض المالكية: أن هذا الحديث منسوخ، وبعضهم: أنه من خصائصه، وبعضهم: أنه كان لضرورة؛ وكل ذلك دعوى باطلة مردودة، لا دليل عليها، وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع، لأن الآدمي طاهر، وما في جوفه معفو عنه، وثياب الأطفال، وأجسادهم محمولة على الطهارة؛ حيث لم تتبين النجاسة. والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت، وتفرقت، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك، وإنما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لبيان الجواز (١).

وقال الفاكهاني: كأن السر في حمله - صلى الله عليه وسلم - أمامة في الصلاة: دفعاً لما كانت العرب تألفه؛ من كراهة البنات، وحملهن؛ فخالفهم في ذلك، حتى في الصلاة؛ للمبالغة في ردعهم، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول (٢).

وفيه دليل على: صحة صلاة من حمل آدمياً، أو حيواناً طاهراً، وأن ما عفي عنه في حق المحمول، عفي عنه في حق الحامل؛ كما هو مذهبنا.

والشافعية يجيبون عن ذلك: بأنها واقعة حال؛ فيحتمل أن تكون أمامة كانت حينئذ قد غسلت؛ كما يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمسها بحائل.

وفيه: جواز إدخال الصبيان المساجد، وما كان عليه - صلى الله عليه وسلم -؛ من التواضع، وشفقته على الأطفال، والكرامة عليهم؛ جبراً لهم، ولوالديهم (٣).

وفي هذا الحديث: قمع للمتنطعين، ورغم أنوف المتوسوسين، ودحض دعوى المتعمقين، والله أعلم.

* * *


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٥/ ٣٢).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٥٩٢).
(٣) المرجع السابق، الموضع نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>