للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن دقيق العيد: الاعتدال هنا محمول على أمر معنوي؛ وهو وضع هيئة السجود على وفق الأمر؛ فإن الأمر الخلقي الذي طلبناه في الركوع، لا يتأتى (في السجود)؛ فإنه هناك استواء الظهر والعنق، والمطلوب هنا: ارتفاع الأسافل على الأعالي؛ حتى لو تساويا، ففي بطلان الصلاة وجهان، لأصحاب الشافعي. قال: ومما يقوي هذا الاحتمال: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ولا يبسط أحدكم ذراعيه) (١) تثنية ذِراع -بالكسر-؛ وهو من طرف المرفق، إلى طرف الإصبع الوسطى (٢)، والمراد: ما بين المرفق، ومفصل الكف.

وفي رواية في البخاري، وغيره: "ولا ينبسط"، قال في "الفتح": كذا للأكثر -بنون ساكنة، قبل الموحدة-، وللحموي: "يبتسط" -بمثناة بعد الموحدة-.

وأما التي اقتصر عليها الحافظ المصنف -رحمه الله-، فهي: رواية ابن عساكر (انبساط) بالنون، وعلى رواية الحموي: بالمثناة، وعلى الرواية التي اقتصر عليها المصنف -رحمه الله- فالتقدير: ولا يبسط ذراعيه، فينبسط انبساط (الكلب) (٣).

قال ابن دقيق العيد: إنه كالتتمة للأول، والأول كالعلة له؛ فيكون الاعتدال -الذي هو فعل الشيء على وفق الشرع- علةً لترك الانبساط كانبساط الكلب؛ فإنه مناف لوضع الشرع، وقد ذكر في هذا الحديث الحكم مقروناً بعلته؛ فإن التشبيه بالأشياء الخسيسة مما يناسب تركه في الصلاة،


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ٢٤٢ - ٢٤٣).
(٢) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: ٩٢٥)، (مادة: ذرع).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>