لاقتضاء رأيهم السؤال عن ذلك، ويحتمل حضور الجميع إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنهم ذكروا (ذلك)؛ أي: كونه يختم كل ركعة من أولييي صلاتهم، أو يختم صلاتهم؛ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}(لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-)؛ متعلق بذكروا، (فقال) لهم: (رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: سلوه) -بفتح السين المهملة، وضم اللام- (لأي شيء يصنع ذلك؟) في صلاته.
(فسألوه) في الكلام طي؛ أي: فرجعوا إليه، فسألوه، (فقال) مجيبًا لهم عن سؤالهم: إنه إنما صنع ذلك؛ (لأنها)؛ أي: سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، (صفة الرحمن -عز وجل-)؛ أي: لأن فيها صفة الرحمن، فلكونها صفته -تبارك وتعالى-، (فأنا أحب أن أقرأ بها) في كل صلاتي؛ تلذذًا ومحبة لذكر صفاته -تبارك وتعالى-، فرجعوا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبروه بما قال، (فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أخبروه: أن اللَّه تعالى يحبه")؛ لمحبته قراءة هذه السورة، أو لما شهد به كلامه؛ من محبته لذكر صفات الرب -عز وجل-، وصحة اعتقاده.
وفي هذا دليل على: الرضا بفعله ذلك.
قال ابن المنير: في هذا الحديث: أن المقاصد تغير أحكام الفعل؛ لأن الرجل لو قال: إن الحامل له على إعادتها: أنه لا يحفظ غيرها، لم يبشر برتبة المحبة من اللَّه تعالى؛ لكنه اعتل بحبها، فظهر صحة قصده؛ فصوبه.
وفيه دليل على: جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس إليه، والاستكثار منه، ولا يعد ذلك هجرانًا لغيره، والله أعلم (١).