للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: العلماء قد اختلفوا في هذا الباب على ثلاثة مذاهب:

* أحدها: قراءتها سرًا لا جهرًا؛ وهذا مذهب الإمام أحمد، والإمام أبي حنيفة، ومن وافقهما.

* الثاني: تركها سرًا وجهرًا؛ وهذا مذهب الإمام مالك بن أنس.

* والثالث: الجهر بها في الجهرية؛ وهذا مذهب الإمام الشافعي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومن تدبر وجوه الاستدلال من حديث أنس وغيره، قطع بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن يجهر بها (١).

وقال ابن دقيق العيد: المتيقن من حديث أنس عدمُ الجهر، وأما التركُ أصلًا، فمحتمل مع ظهور ذلك في بعض الألفاظ، وهو قوله: لا يذكرون.

قال: وقد جمع جماعة من الحفاظ باب الجهر؛ وهو أحد الأبواب التي يجمعها أهل الحديث، وكثير منها، أو الأكثر: معتل، وبعضها: جيد الإسناد، إلا أنه غير مصرح فيه بالقراءة في الفرائض في الصلاة، وبعضها: فيه ما يدل على القراءة في الصلاة، إلا أنه ليس بصريح الدلالة على خصوص التسمية (٢).

الثالث: من روي عنه من الصحابة أنه يجهر بالبسملة: يحتمل أنه كان يجهر بها أحيانًا؛ كما أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجهر ببعض الآيات من الفاتحة أحيانًا -يعني: في صلاة السر-.

أو: لأنه كان -صلى اللَّه عليه وسلم- يجهر قديمًا، ثم ترك ذلك؛ كما روى أبو داود، والطبراني: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجهر بها بمكة، فإذا سمعه المشركون، سبوا


(١) المرجع السابق، (١/ ٩٤).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢١ - ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>