للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافًا لأبي حنيفة. فإن أصر، فله قتاله -على الأصح-، ولو مشى؛ خلافًا لمالك (١).

فإن خاف فساد صلاته، لم يكرر دفعه، ويَضْمَنهُ -على الأصح-؛ أي: حيث كرر الدفع، بحيث تفسد الصلاة؛ لكثرته (٢).

(فإنما هو)؛ أي: المار بين يدي المصلي بينه وبين سترته، أو كان لا سترة له، ومر قريبًا منه في ثلاثة أذرع فأقل (شيطان)؛ أي: فعلُه فعلُ الشيطان؛ لأنه أبى إلا التشويش على المصلي، وإطلاق الشيطان على المار من الإنس سائغ شائع، وقد جاء في القرآن قوله تعالى {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: ١١٢].

وقال ابن بطال: في هذا حديث جواز إطلاق لفظ الشيطان على: من يفتن في الدين، وأن الحكم للمعاني، دون الأسماء؛ لاستحالة أن يصير المار شيطانًا، بمجرد مروره، انتهى.

وهو مبني على أن لفظ الشيطان يطلق حقيقة على الجني، ومجازًا على الإنسي؛ وفيه بحث، ويحتمل أن يكون المعنى: فإنما الحامل له على ذلك الشيطان.

ويؤيده ما في رواية الإسماعيلي: "فإن معه الشيطان" (٣)، ونحوه


(١) قال ابن قندس في "حاشية الفروع" (٢/ ٢٥٨): سمعت القاضي سالمًا المالكي يقول: مذهب مالك: لا يقاتله مطلقًا، فيكون قوله: "خلافًا لمالك" عائدًا إلى أصل المسألة، لا إلى قوله: "ولو مشى"، بل يكون المعنى: فله قتاله خلافًا لمالك.
(٢) انظر: "الفروع" لابن مفلح (١/ ٤١٥ - ٤١٦).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>