للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلب، والحمار، والمرأة، فقالت عائشة: قد شبهتمونا بالحمير والكلاب! ولقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي وأنا على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة (١).

فاستدلوا: بأن هذا ناسخ لحديث أبي ذر، قال في "الفتح": مع أن حديث عائشة واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال، بخلاف حديث أبي ذر، فإنه مسوق بسياق تشريع العام.

وقد أشار ابن بطال إلى أن ذلك -أي: كونه كان يصلي، وعائشة بينه وبين القبلة- كان من خصائصه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه كان يقدر أن يملك إربه على ما لا يقدر عليه غيره (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما يعارض حديث أبي ذر وما وافقه أحاديث صحيحة غير صريحة، وصريحة غير صحيحة، فلا يترك العمل بحديث أبي ذر الصريح، بالمحتمل -يعني: حديث عائشة، وما وافقه- (٣).

والفرق بين المار وبين الدائم في القبلة: أن المرور حرام، بخلاف الاستقرار؛ نائمًا كان، أم غيره، فهكذا يقطع مرورها دون لبثها (٤).


(١) رواه البخاري (٤٩٢)، كتاب: سترة المصلي، باب: من قال: لا يقطع الصلاة شيء، ومسلم (٥١٢/ ٢٧٠)، كتاب: الصلاة، باب: الاعتراض بين يدي المصلي، من طريق مسروق والأسود، عن عائشة، به.
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٥٩٠).
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢١/ ١٥).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٥٩٠). وقد نقل الشارح -رحمه اللَّه- كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه- عن الحافظ ابن حجر، حيث قال الحافظ في "الفتح": قال بعض الحنابلة، هكذا دون أن يسمي، وهذا من القليل النادر أن يحكي الشارح -رحمه اللَّه- كلام شيخ الإسلام من غير كتبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>