للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الإمام أحمدُ - رضي الله عنه - يقول: بيننا وبين أهل البدع الجنائز (١)، فأظهرَ اللهُ صدقَ مقالته، وأوضحَ ما منحَه من كرامته، فرضي الله تعالى عنه وعن أشياخه وأتباعه ومحبيه، وعن سائر العلماء والأئمة وأتباعهم بإحسان.

ومما يروى للإمام أحمدَ من الشعر، ما رواه ابنُ الجوزي بسنده عن أحمدَ بن يحيى ثعلبٍ - وهو من أصحابه ونَقَلة مذهبِه -: أنه أولَ ما دخل عليه قالَ له الإمام أحمدُ: فيم تنظر؟ قال: في النحو والعربية، فأنشده: [من الطويل]

إِذَا ما خَلَوْتَ الدَّهرَ يَوْماً فَلا تَقُلْ ... خَلَوْتُ، ولكِنْ قُلْ: عَلَيَّ رَقِيبُ

ولا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفُلُ سَاعَةً ... وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيبُ

لَهَوْنا عَنِ الأَيَّامِ حَتَّى تَتَابَعَتْ ... ذُنُوبٌ عَلَى آثَارِهِنَّ ذُنُوبُ

فَيَا لَيْتَ أَنَّ اللهَ يَغْفِرُ ما مَضَى ... وَيَأْذَنُ فِي تَوْبَاتِنَا فَنَتُوبُ

إِذَا مَا مَضَى القَرْنُ الَّذِي أَنْتَ فِيِهمُ ... وَخُلِّفْتَ فِي قَرْنٍ فَأَنْتَ غَرِيبُ (٢)

وسُمع يوماً يقول: [من البسيط]

تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنَ نَالَ صَفْوَتَها ... مِنَ الحَرَامِ وَيَبْقَى الإِثمُ والعارُ

تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ مِنْ مَغَبَّتِهَا ... لا خَيْرَ في لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِها النَّارُ (٣)


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥/ ٣٣٢).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٩/ ٢٢٠)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/ ٢٠٥)، ومن طريقه: ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٣/ ٤٥٥)، وابن نقطة في "التقييد" (ص: ١٦٣)، وابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" (ص: ٢٠٥).
(٣) رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (١١/ ٤٥٨)، ومن طريقه: ابن الجوزي في "المنتظم" (١١/ ٢١٨)، وفي "مناقب الإمام أحمد" (ص: ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>