للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآله؛ فنسأل منك الصلاة على محمد، وعلى آل محمد بطريق الأولى؛ لأن ما ثبت للفاضل، يثبت للأفضل من باب أولى، وبهذا يحصل الانفصال عن الإيراد المشهور؛ من كون شرط التشبيه: أن يكون المشبه به أقوى من المشبه (١).

وقد ذكر الإمام ابن القيم في كتابه "جلاء الأفهام" عن ذلك أجوبة كثيرة، لعلماء شهيرة، ولم يرض غالبها، بل زيف أكثرها، وحاصل ما ارتضاه من ذلك: قول طائفة من العلماء: آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم، فإذا طلب للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولآله من الصلاة مثل ما لإبراهيم وآله، وفيهم الأنبياء، حصل لآل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذلك ما يليق بهم؛ فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء، وتبقى الزيادة التي للأنبياء، وفيهم إبراهيم، لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيحصل له بذلك من المزيَّة، ما لم يحصل لغيره.

وتقرير ذلك: أن تجعل الصلاة الحاصلة لإبراهيم وآله، وفيهم الأنبياء، جملة مقسومة على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وآله، ولا ريب أنه لا يحصل لآل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل ما حصل لآل إبراهيم وفيهم الأنبياء، بل يحصل لهم ما يليق بهم، فيبقى فسم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والزيادة المتوفرة التي لم يستحقها آله مختصة به -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيصير الحاصل له من مجموع ذلك أفضل وأعظم من الحاصل لإبراهيم. واستحسن هذا الجواب على غيره.

قال: وأحسن منه أن يقال: محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- هو من آل إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم؛ كما روي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٣٣]، قال:


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٨/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>