للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد من آل إبراهيم (١). وهذا نص، فإنه إذا دخل غيره من الأنبياء الذين من ذرية إبراهيم في آله، فدخول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أولى، فيكون قولنا: كما صليت على آل إبراهيم، متناولًا للصلاة عليه، وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم.

ثم قد أمرنا اللَّه سبحانه أن نصلي عليه وعلى آله خصوصًا، بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عمومًا، وهو فيهم، ويتحصل لآله من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وتقرير هذا: أنه يكون قد صلى عليه خصوصًا، وطلب له من الصلاة ما لإبراهيم، وهو داخل معهم.

ولا ريب: أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- معهم, أكمل من الصلاة الحاصلة له دونهم، فيطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم، الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعًا، وتظهر حينئذ فائدة التشبيه، وجريه على أصله، وأن المطلوب له من الصلاة -بهذا اللفظ- أعظم من المطلوب له بغيره؛ فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء، إنما هو مثل المشبه به، وله أوفر نصيب منه، صار له من المشبه به، من الحصة التي لم تحصل لغيره، فظهر بهذا من فضله وشرفه على إبراهيم وعلى كل من آله، وفيهم النبيون، ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة دالة على هذا التفضيل، وتابعة له، وهي من موجباته ومقتضياته، فصلى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا (٢).

(إنك حميد) فعيل من الحمد، بمعنى محمود، وحميد أبلغ من


(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٣/ ٢٣٤).
(٢) انظر: "جلاء الأفهام" لابن القيم (ص: ٢٨٩ - ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>