للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمود؛ فإن فعيلًا إذا عُدل به عن مفعول، دل على أن تلك الصفة قد صارت مثل السجية والغريزة والخلق اللازم؛ كقولك: فلان ظريف، وشَرُيف، وكريم؛ ولهذا يكون هذا البناء غالبًا من فعل بوزن شَرُف، وهو من أبنية الغرائز، والسجايا اللازمة؛ ككَبُر، وصَغُر، وحَسُن، ولَطُف، ونحو ذلك، ولهذا كان حبيب أبلغ من محبوب؛ لأن الحبيب هو الذي حصلت فيه الصفات والأفعال التي يحب لأجلها؛ فهو حبيب في نفسه، وإن قدر أن غيره لا يحبه؛ لعدم شعوره به، أو لمانع منعه من حبه، وأما المحبوب، فهو الذي تعلق به حب المحب؛ فصار محبوبًا بحب الغير له (١).

(مجيد) فعيل من المجد، وهو مستلزم للعظمة والجلال والحمد، يدل على صفات الإكرام والإفضال، واللَّه سبحانه ذو الجلال والإكرام؛ فلهذه المناسبة، ختمت الصلاة بهذين الاسمين الشريفين، وفي التنزيل: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: ٧٣]؛ لكونهما يتضمنان الإفضال والإجلال.

وفي "المسند"، و"صحيح أبي حاتم"، وغيره، من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه قال: "أَلِظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام" (٢)؛ يعني: الزموها، وتعلقوا بها، فالجلال والإكرام هو الحمد والمجد، فذكر هذين الاسمين عقب الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى آله,


(١) المرجع السابق، (ص: ٣١٥ - ٣١٦).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٧٧)، لكن من حديث ربيعة بن عامر -رضي اللَّه عنه-. ورواه الترمذي (٣٥٢٤)، كتاب الدعوات، باب: (٩٢)، من حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>