للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم -رحمه اللَّه تعالى-: فحيث جاء ذكر إبراهيم وحده في الموضعين؛ فلأنه الأصل في الصلاة المخبر بها، وآله تبع [له] فيها، فدل ذكر المتبوع على ذكر التابع، واندرج فيه، وأغنى عن ذكره.

وحيث جاء ذكر آله فقط؛ فلأنه داخل في آله، فيكون ذكر آل إبراهيم مغنيًا عن ذكره، وذكر آله بلفظين.

وحيث جاء في أحدهما ذكره، وفي الآخر ذكر آله فقط؛ كان ذلك جمعًا بين الأمرين، فيكون قد ذكر المتبوع الذي هو الأصل، وذكر أتباعه بلفظ يدخل هو فيهم، انتهى (١).

وحيث ذكر إبراهيم وآل إبراهيم في الموضعين؛ فيكون لتمام الإيضاح، وتصريحًا بما يدخل ضمنًا، واللَّه أعلم.

وأما ذكر محمد وآل محمد بالاقتران، دون الاقتصار على أحدهما في عامة الأحاديث، وجاء الاقتصار على إبراهيم أو آله في عامتها؛ لكون الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى آله ذكرت في مقام الطلب والدعاء، والجملة الطلبية إذا وقعت موقع الدعاء والسؤال، كان بسطها وتطويلها أنسب من اختصارها وحذفها؛ ولهذا شرع تكرارها وإبداؤها وإعادتها؛ فإنها دعاء، واللَّه تعالى يحب الملحين في الدعاء.

والحاصل: أن مقام الطلب والدعاء مقام بسط واستقصاء وتكرار.

وأما قوله: "كما صليت على إبراهيم"، فجملة خبرية عن أمر قد وقع وانقضى، فمقام الإخبار الأولى في الاختصار، ولا سيما والمقام ليس بمقام إيضاح ولا تفهم؛ لأنه سبحانه بكل شيء خبير عليم، واللَّه الموفق (٢).


(١) انظر: "جلاء الأفهام" لابن القيم (ص: ٢٩٢ - ٢٩٧).
(٢) المرجع السابق، (ص: ٢٩٧، ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>