للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: اختلف الناس في الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة، هل هي ركن من أركان الصلاة التي لا تتم إلا بها، أو واجب من واجباتها فتسقط سهوًا، أو سنة من سننها فلا يؤثر الإخلال بها في الصلاة؟ مذاهب للعلماء -رحمهم اللَّه تعالى-، فمعتمد مذهب الإمام أحمد، والإمام الشافعي: أنها ركن من أركان الصلاة، لا تتم الصلاة إلا بها.

قال الإمام ابن القيم في "جلاء الأفهام": قد أجمع المسلمون على مشروعية الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في آخر التشهد في الصلاة، واختلفوا في وجوبه فيها: فقالت طائفة: ليس ذاك بواجب فيها، ونسبوا من أوجبه إلى الشذوذ ومخالفة الإجماع، منهم: الحافظ الطحاوي الحنفي، والقاضي عياض المالكي، والخطابي؛ فإنه قال: ليست بواجبة في الصلاة؛ وهو قول جماعة الفقهاء إلا الشافعي، قال: ولا أعلم له قدوة (١)، وكذلك ابن المنذر، ذكر أن الشافعي تفرد بذلك، واختار عدم الوجوب.

قال عياض: ودليل كون الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليست من فروض الصلاة: عملُ السلفِ الصالح قبل الشافعي، وإجماعهم عليه، قال: وقد شنع الناس عليه المسألة جدًا، قال: وهذا تشهد ابن مسعود، الذي اختاره الشافعي، وهو الذي علمه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إياه، ليس فيه الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: وكذلك كل من روى التشهد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ كأبي هريرة، وابن عباس، وجابر، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وأبي موسى الأشعري، وعبد اللَّه بن الزبير؛ لم يذكروا فيه الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقد قال ابن عباس، وجابر: كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلمنا التشهد، كما يعلمنا السورة من القرآن، ونحوه عن أبي سعيد، وابن مسعود، وكان عمر بن


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>