للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فاغفر لي) رتب على كونه لا يغفر الذنوب إلا هو سبحانه: أن طلب منه -جل شأنه- ذلك، وغفران الذنوب: هو سترها بالتوبة منها، أو بالعفو عنها.

(مغفرة) تفضلًا (من عندك)، وإن لم أكن لها أهلًا، وإلا، فالمغفرة والرحمة وكل النعم؛ من عنده تعالى.

وفي "الفتح": قال الطيبي: دل التنكير على: أن المطلوب غفران عظيم، لا يدرك كُنْهُه ووصفه؛ بكونه من عنده سبحانه، مريدًا لذلك التعظيم؛ لأن الذي يكون من عند اللَّه، لا يحيط به وصف (١).

وقال ابن دقيق العيد: يحتمل وجهين:

أحدهما: الإشارة إلى التوحيد المذكور، كأنه قال: لا يفعل هذا إلا أنت، [فافعله أنت].

والثاني -وهو أحسن-: أنه إشارة إلى طلب مغفرة متفضل بها، لا يقتضيها سبب من العبد؛ من عمل حسن ولا غيره (٢).

وقال شيخ الإسلام: المراد: اغفر لي مغفرة من عندك، لا يصلها بأسباب، لا من عزائم المغفرة التي يغفر لصاحبها؛ كالحج، والجهاد، ونحوه، بل اغفر لي مغفرة تهبها لي، وتجود بها علي، بلا عمل يقتضي تلك المغفرة التي هي ستر الذنب، ونحوه، انتهى.

وبالثاني جزم الحافظ ابن الجوزي، فقال: المعنى: هب لي المغفرة تفضلًا، وإن لم أكن لها أهلًا بعملي (٣).


(١) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٧٨ - ٧٩).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>