قال: وقد رأيتُ فيما يرى النائمُ وأنا بمدينة "مرو" كأَن الحافظَ عبدَ الغني جالسٌ، والإمامُ محمدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ بين يديه يقرأ عليه من جزء أو كتاب، وكان الحافظُ يرد عليه شيئاً، أو ما هذا معناه.
قال: وسمعت أبا الطاهر إسماعيلَ بنَ ظفر النابلسي يقول: جاء الحافظ - يعني: عبدَ الغني -، فقال رجلٌ حلفَ بالطلاق: إنك تحفظُ مئَة ألفِ حديث، فقال: لو قال أكثرَ، لصدقَ.
قال الحافظ الضياء: وشاهدت الحافظَ - غير مرة - بجامع "دمشق"، يسألُه بعضُ الحاضرين، وهو على المنبر: اقرأْ لنا أحاديثَ من غير الجزء، فيقرأ الأحاديت بأسانيدها عن ظهرِ قلبه.
قال: وسمعتُ أبا سليمانَ بنَ الحافظِ يقول: سمعتُ بعضَ أهلنا يقول: إن الحافظَ سُئِلَ: لم لا يقرأُ الأحاديث من غير كتاب؟ فقال: إني أخافُ العُجْبَ.
وقال التاج الكندي - يعني: أبا اليُمْن -: لم يكن بعدَ الدارقطني مثلُ الحافظِ عبد الغني، وقال: لم ير الحافظُ عبدُ الغني مثلَ نفسِه، وقال: رأيتُ ابنَ ناصرٍ، والحافظَ أبا العلاءِ الهمداني، وغيرَهما من الحفاظ؛ ما رأيتُ أحفظَ من عبدِ الغني المقدسي.
وقال أبو نزارٍ الإمامُ ربيعةُ بنُ الحسنِ اليمني الشافعي: رأيتُ الحافظ السلَفي، والحافظَ أبا موسى، وكان الحافظُ عبدُ الغني بنُ عبد الواحد أحفظَ منهما.
قال الحافظ ضياءُ الدين المقدسي: وأنشدنا إسماعيلُ بن مظفرٍ، قالَ: أنشدنا أبو نزارٍ ربيعةُ بنُ الحسن، في الحافظِ عبدِ الغني المقدسي:[من البسيط]
يا أَصْدَقَ النَّاسِ في بَدْوٍ وفي حَضَرٍ ... وَأَحْفَظَ الناسِ فيما قالَتِ الرُّسُلُ