للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمأموم أن يذكروا اللَّه بعد الفراغ من الصلاة، ويخفيان ذلك، إلا أن يكون إمامًا يريد أن يُتعلَّم منه؛ فيجهر حتى يَعْلَمَ أنه قد تُعلِّم منه، ثم يُسِرُّ؛ وكذلك ذكر أصحابه.

قال: وذكر بعض أصحابنا مثل ذلك -أيضًا-، ولهم وجه آخر: أنه يكره الجهر به مطلقًا.

وقال القاضي أبو يعلى في "الجامع الكبير": ظاهر كلام أحمد: أنه يسن للإمام الجهر بالذكر والدعاء عقب الصلوات بحيث يُسمِعُ المأمومَ، ولا يزيد على ذلك.

وذكر عن الإمام أحمد نصوصًا تدل على أنه كان يجهر ببعض الذكر، ويسر الدعاء، وهذا هو الأظهر، وأنه لا يختص ذلك بالإمام؛ فإن حديث ابن عباس هذا ظاهره يدل على جهر المأمومين -أيضًا-.

قال: وأما الدعاء؛ فالسنة إخفاؤه، وفي "الصحيحين"، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠]: أنها نزلت في الدعاء (١). وكذا روي عن ابن عباس، وأبي هريرة، وعن سعيد بن جبير، وعطاء، وعكرمة، وعروة، ومجاهد، وإبراهيم، وغيرهم.

وقال الإمام أحمد: ينبغي أن يسر دعاءه، لهذه الآية، قال: وكان يكره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء، وقال الحسن: رفع الصوت بالدعاء بدعة، انتهى كلام الحافظ ابن رجب (٢).


(١) رواه البخاري (٥٩٦٨)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء في الصلاة، ومسلم (٤٤٧)، كتاب: الصلاة، باب: التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية بين الجهر والإسرار إذا خاف من الجهر مفسدة.
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن رجب الحنبلي (٥/ ٢٣٥ - ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>