للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وفي "الفتاوى المصرية" لشيخ الإسلام ابن تيمية: سئل عن قوم يواظبون عقب صلاة الجماعة، يجهرون بالذكر بعد الفراغ من الصلوات الخمس، فهل يجب نهيهم عن الجهر بالذكر، على مذهب مالك، وغيره، أم لا؟

أجاب بما ملخصه: أما الذكر المشروع في أدبار الصلوات، الذي ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقوله، أو يعلمه المسلمين، مثل ما في الصحيح: "أنه كان يهل" (١)؛ أي: يجهر بقوله: "لا إله إلا اللَّه، وحده لا شريك له" إلخ؛ فلا يكره، بل يستحب للإمام أن يستقبل المأمومين، كفعله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويقول ما كان يقوله من الذكر.

نعم، كره بعض السلف للإمام أن يقعد بعد الصلاة مستقبل القبلة، فظن بعض الناس أنهم كرهوا القعود مطلقًا، وقد جاءت السنة بالذكر بعد الصلاة، وبالدعاء أي: في آخرها، فظن بعض الناس أنه قد يتناول دعاء الإمام والمأمومين عقب الصلاة، قال: والصواب ما جاءت به السنة: الجهر بالذكر عقب الصلاة، وذكر حديث ابن عباس هذا.

ومن الناس من كره ذلك، وظنه بدعة، ومنهم من استحب ذلك مطلقًا، ظنًا منه مداومتهم على ذلك، قال: والصواب: أنه إن كان في الجهر مصلحة راجحة مثل تعليم من لم يعرف، ونحو ذلك فهو أفضل، وإلا: فالذكر سرًا أفضل، ولا يكره الجهر إلا حيث كرهته الشريعة، انتهى (٢).


(١) سيأتي تخريجه قريبًا من حديث المغيرة بن شعبة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) الذي وقفت عليه في "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢/ ٤٥٦) تحت مسألة (٣٢٢): ما يقول سيدنا في جماعة يسبحون اللَّه ويحمدونه ويكبرونه، هل ذلك سنة أم مكروه، وربما في الجماعة يثقل بالتطويل =

<<  <  ج: ص:  >  >>