للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أفلا أعلمكم شيئًا) من الذكر لا تحتاجون فيه إلى مال، ولا دثر (تدركون به) لعظم فضله (من سبقكم) من أهل الأموال الذين فازوا عليكم بالصدقة، ونحوها، والسبقية يحتمل أن تكون معنوية، وهو السبق إلى الفضائل، ويحتمل أن تكون حسية؛ بأن يراد به: السبق الزماني، قال ابن دقيق العيد: والأول أقرب (١).

(وتسبقون به) إذا أنتم أخذتم به، وداومتم عليه (من)؛ أي: الذين هم (بعدكم)؛ أي: من جاء من الناس بعدكم، ولم يأخذ بما أخذتم به، (ولا يكون أحد) من الناس من أرباب الصدقات، ولا غيرهم (أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟) يعني: من أرباب الصدقات، والعتق، والخيرات، فإنهم يكونوا أفضل؛ لأنهم ساووهم في الذكر، وزادوا عليهم بالتفضل، هذا ظاهر الحديث.

ولفظ البخاري: "أدركتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم" (٢)، وفي لفظ عنده: "بين ظهرانيه" -بالإفراد (٣) فإن قيل: ظاهر الإدراك المساواة، ولفظ البخاري ظاهره الأفضلية؟!

فالجواب: الإدراك أعم من المساواة، فقد يدرك، ثم يفوت؛ كما في "الفتح" عن بعض أهل العلم، قال: وعلى هذا، فالتقرب بهذا الذكر راجح


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٩٥).
(٢) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٨٠٧)، ووقع في "المطبوع": "ظهرانيه".
(٣) في رواية كريمة وأبي الوقت، كما في "الفتح" (٢/ ٣٢٨)، وكذا هي في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>