خزيمة. وأخرجه أيضًا الترمذي، وابن ماجه، والحاكم، وغيرهم؛ من حديث أبي هريرة (١).
قال ابن بطال: هذا من تفضل اللَّه على عباده، أنْ جعل للطاعم -إذا شكر ربه على ما أنعم به عليه- ثوابَ الصائم الصابر.
وقال الكرماني: التشبيه هنا في أصل الثواب، لا في الكمية، ولا الكيفية، والتشبيه لا يستلزم المماثلة من جميع الأوجه.
وقال الطيبي: ربما توهم متوهم: أن ثواب الشكر يقصر عن ثواب الصبر، فأزيل توهمه، أو وجه الشبه: اشتراكُهما في حبس النفس؛ فالصابر يحبس نفسه على طاعة المنعم، والشاكر يحبس نفسه على محبته.
قال في "الفتح": وفي الحديث رفع الاختلاف المشهور في الغني الشاكر والفقير الصابر، وإنما هما سواء؛ كذا قيل. وسياق الحديث يقتضي تفضيل الفقير الصابر؛ لأن الأصل [أنَّ] المشبه به أعلى درجة من المشبه، والتحقيق عند أهل الحذق: ألا يجاب في ذلك بجواب كلي، بل يختلف الحال باختلاف الأشخاص والأحوال؛ نعم عند الاستواء من كل جهة،
(١) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ١٤٢)، والحاكم في "المستدرك" (٧١٩٥)، وابن ماجه (١٧٦٤)، كتاب: الصيام، باب: فيمن قال: الطاعم الشاكر، كالصائم الصابر، والترمذي (٢٤٨٦)، كتاب: صفة القيامة والرقائق والورع، باب: (٤٣)، وقال: حسن غريب، وابن خزيمة في "صحيحه" (١٨٩٨)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. وقد رواه ابن ماجه (١٧٦٥)، كتاب: الصيام، باب: فيمن قال: الطاعم الشاكر، كالصائم الصابر، من حديث سنان بن سنة الأسلمي -رضي اللَّه عنه-. قلت: والشارح -رحمه اللَّه- اختصر كلام الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٩/ ٥٨٢ - ٥٨٣)، حيث تكلم هناك في طرق الحديث التي روي فيها هذا الحديث، فوقع اضطراب في هذا الاختصار من قبل الشارح، وحاصل كلام الحافظ ما قدمنا تخريجه مختصرًا، واللَّه أعلم.