للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "الفتح": والذي يظهر: أن مقصودهم إنما كان طلب المساواة، ويظهر أن الجواب وقع قبل أن يعلم -صلى اللَّه عليه وسلم- أن متمني الشيء يكون شريكًا لفاعله في الأجر، ففي رواية الترمذي: "المنفق والمتمني إذا كان صادق النية، في الأجر سواء" (١)؛ وكذا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سن سنة حسنة، فله أجرها، وأجر من عمل بها، من غير أن ينقص من أجره شيء" (٢).

فإن الفقراء في هذه القصة، كانوا السبب في تعليم الأغنياء الذكر المذكور، فإذا استووا معهم في القول، فقد امتازوا بأجر السبب مضافًا إلى التمني، فلعل ذلك يقاوم التقرب بالمال، وتبقى المقايسة بين صبر الفقير على شَظَف العيش، وشكر الغني على التنعم بالمال، ومن ثم وقع التردد في تفضيل أحدهما على الآخر (٣).

وعلق البخاري حديث: "الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر" من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤)، وقد أخرجه البخاري في "التاريخ"، والحاكم في "المستدرك" موصولًا، ولفظه عن أبي هريرة: "إن للطاعم الشاكر من الأجر ما للصائم الصابر"، وأخرجه ابن ماجه، وابن


(١) رواه الترمذي (٢٣٢٥)، كتاب: الزهد، باب: ما جاء: مثل الدنيا، مثل أربعة نفر، عن أبي كبشة الأنصاري -رضي اللَّه عنه- في حديث طويل، وفيه: " ... وعبد رزقه اللَّه علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالًا، لعملت بعمل فلان، فهو نيته، فأجرهما سواء ... " الحديث، وقال: حسن صحيح.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٣٣١).
(٤) انظر: "صحيح البخاري" (٥/ ٢٠٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>