تنبيه: اختلف العلماء، هل الأفضل التبكير، أو التأخير؟ فأكثر أهل العلم: استحب التبكير؛ لهذا الحديث، وغيره من الأحاديث الدالة على استحبابه، والترغيب فيه.
قال في "المقنع": ويبكر إليها ماشيًا، ويدنو من الإمام، قال شارحه شمس الدين بن أبي عمر: للسعي إلى الجمعة وقتان: وقت وجوب، ووقت فضيلة. وذكر أن وقت الوجوب من ابتداء النداء الذي بين يدي المنبر، فإنه المعهود على زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وزمن أبي بكر، وعمر، فلما كان زمن عثمان، وكثر الناس: زاد النداء الثالث، وأما النداء الأول: فمستحب في أول الوقت، سنه عثمان، والثاني: للإعلام بالخطبة، والثالث: للإعلام بقيام الصلاة.
نعم، من منزله بعيد، لا يدرك الجمعة بالسعي وقت النداء، فعليه السعي في الوقت الذي يكون به مدركًا الجمعة؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب؛ كاستسقاء الماء من البئر للوضوء.
وأما وقت الفضيلة: فمن أول النهار، فكلما كان أبكر، كان أولى وأفضل؛ وهذا مذهب الأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وابن المنذر.
وقال مالك: لا يستحب التبكير قبل الزوال؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من راح إلى الجمعة" والرواح: بعد الزوال، والغدو: قبله، كما قدمناه.
واحتج الشارح لنا، ولمن وافقنا: بحديث أبي هريرة هذا، وقال: قال علقمة: خرجت مع عبد اللَّه إلى الجمعة، فوجد ثلاثة قد سبقوه، فقال: رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد، إني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن