للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يا رسول اللَّه!) حيث لم تجز شاتي عن الأضحية، (فإن عندنا عناقًا)، وهي الأنثى من أولاد المعز، ما لم يتم له سنة (١) (هي)؛ أي: تلك العناق (أحبُّ إليَّ من شاتين)؛ لسمنها، ونجابتها، وكرم أصلها، (أفتجزي عني) إن أنا ذبحتها بعد الصلاة مكان أضحيتي؟ (قال) -صلى اللَّه عليه وسلم-: (نعم)؛ أي: تجزي أضحية عنك خاصة (ولن تجزي) العناق التي لم يتم لها سنة (عن أحد) من الناس (بعدك).

اختار ابن دقيق العيد: فتح التاء من (تجزي) بمعنى: تقضي، يقال: جزى عني كذا؛ أي: قضى، وذلك أن الذي فعله لم يقع نسكًا، فالذي يأتي بعده لا يكون قضاء عنه (٢).

وقد صرح الحديث بتخصيص أبي بردة بإجزائها في هذا الحكم، عما سبق ذبحه؛ فامتنع قياس غيره عليه.

قال البرماوي: وقد رخص النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الأضحية بالعناق أيضًا لزيد بن خالد الجهني، وعقبة بن الحارث الجهني، وقد نظمهم في قوله: [من الطويل]

لقد خَصَّ خَيْرُ الخلقِ حَقًّا جَماعَةً ... بذبح عَنَاقٍ في الضَّحِيَّةِ يُقْبَلُ

أَبو بُرْدَةٍ منهمْ، وزيدُ بنُ خالِدٍ ... كذا عقبةٌ نجلٌ لِعامِر يكمُلُ


(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٣١١).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٢٨).
قلت: وكذا ضبطه الجوهري في "الصحاح" (٦/ ٢٣٠٢)، (مادة: جزى)، ثم قال: وبنو تميم يقولون: أجزأت عنك شاة -بالهمز-، انتهى. وعلى هذا: يجوز في الحديث ضم التاء؛ ولهذا جوزهما ابن الأثير في "النهاية" (١/ ٢٧٠). وانظر: "النكت على العمدة" للزركشي (ص: ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>