والكاف- الأنصارية بنت عمة معاذ، كانت من ذوات العقل والدين، قتلت يوم اليرموك سبعة من الكفار بعمود فسطاط، وكنيتها: أم سلمة، وقيل: أم عامر، وهي خطيبة النساء، فقد روي أنها قالت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه! إنه ليس في شرق البلاد وغربها امرأة، إلّا هي على مثل رأيي، إن اللَّه بعثك للرجال والنساء، فآمنا بك وبالذي أرسلك، وإنا -معاشر النساء- محصورات مقصورات، قواعد في بيوتكم، ومواضع شهواتكم، وحوامل أولادكم، وأنتم -معاشر الرجال-، فُضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المريض، وتشييع الجنائز، والحج بعد الحج، ثم أفضل من ذلك الجهاد في سبيل اللَّه، وإنكم إذا خرجتم حجاجًا ومجاهدين وتجارًا ومسافرين، حفظنا لكم أموالكم، وربينا لكم أولادكم؛ أفنشارككم في الأجر يا رسول اللَّه؟ فالتفت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أصحابه، وقال:"هل سمعتم مقالة امرأة أحسن في مسألتها عن أمر دينها من هذه المرأة؟! "، فقالوا: يا رسول اللَّه! ما ظننا أن امرأة تهتدي في دينها إلى مثل مقالتها، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "انصرفي أيتها المرأة، وأعلمي مَنْ خلفك من النساء: أنَّ حُسْنَ تَبَعُّل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته؛ تعدل ذلك -إن شاء اللَّه تعالى-"، فانصرفت وهي تهلل وتكبر استبشارًا (١). واللَّه أعلم.
(فقالت: لم)؛ أي: لأي شيء كنا أكثرَ حطب جهنم؟.
فيه: مراجعة المتعلم لمعلمه، والتابع لمتبوعه، فيما لا يظهر له معناه (يا رسول اللَّه؟ قال) -عليه الصلاة والسلام- مفسرًا لما استفهمت عنه:
(١) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٨٧٤٣)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٧/ ٣٦٣).