للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عذاب يقتضي موتًا أو غيره؛ فهذا قد أثبته الحديث.

قال: ولا ينافي ذلك كون الكسوف له وقت محدود، أن يكون عند أجله يجعله اللَّه سببًا لما يقتضيه من عذاب أو غيره؛ كما أن تعذيبه لمن عذبه بالريح الشديدة، كان في الوقت المناسب، وهو آخر الشتاء، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا رأى مخيلة؛ وهو السحاب الذي يخال فيه المطر، أقبل وأدبر، وتغير وجهه، فقالت له عائشة: إن الناس إذا رأوه استبشروا، فقال: "وما يؤمنِّي؟! قد رأى قوم عاد العذاب، فقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (١)، قال اللَّه تعالى-: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: ٢٤].

قال: وكذلك الأوقات التي تنزل فيها الرحمة، كالعشر الآخِر من رمضان، والأول من ذي الحجة، وجوف الليل، وغير ذلك، هي أوقات محدودة، وينزل فيها من الرحمة ما لا ينزل في غيرها، انتهى (٢).

(حتى أتى المسجد) النبوي.

فيه: دليل لما قدمناه؛ بأن المندوب كون صلاة الكسوف في المسجد الذي يصلى فيه الجمعة، لا في الصحراء كصلاة العيد، (فقام) في مقامه الذي كان يصلي فيه من مسجده، (فصلى) فيه (بأطول قيام)؛ لطول القراءة فيه، (و) أطول (ركوع)؛ لطول التسبيح فيه، (و) أطول (سجود)؛ لطول التسبيح أيضًا فيه، وفيه: دليل على تطويل السجود في هذه الصلاة -كما قدمنا-، ولذا قال أبو موسى -رضي اللَّه عنه-: (ما رأيته) -صلى اللَّه عليه وسلم- (يفعله في صلاة) من الصلوات المكتوبة، ولا غيرها من النوافل (قط)؛ لما مر من


(١) رواه البخاري (٣٠٣٤)، كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الفرقان: ٤٨].
(٢) انظر: "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (١/ ٣٩١ - ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>