للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج الإمام أحمد: بحديث أم عطية هذا، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم- في المحرم: "اغسلوه بماء وسدر" متفق عليه (١).

قال: وذهب كثير من أصحابنا المتأخرين إلى أنه لا يترك في الماء سدر يغيره، ثم اختلفوا؛ فقال ابن حامد: يطرح في كل المياه شيء يسير من السدر لا يغيره؛ ليجمع بين العمل بالحديث، ويكون الماء ثابتًا على إطلاقه -يعني: لم يتغير بما يسلبه الطهورية-.

وقال القاضي، وأبو الخطاب: يغسل أول مرة بالسدر، ثم يغسل بعد ذلك بالماء القراح؛ فيكون الجميع غسلة واحدة، ويكون الاعتداد بالآخر دون الأول؛ لأن الإمام أحمد شبه غسله بغسل الجنابة، ولأن السدر إن غير الماء، سلبه الطهورية، وإن لم يغيره، فلا فائدة في ترك يسير -يعني: في الماء- لا يؤثر.

قال في "شرح المقنع": والأول ظاهر كلام الإمام، ويكون ذلك دالًا على أن تغيير الماء بالسدر لا يخرجه عن طهوريته (٢).

قلت: الذي استقر عليه مذهبه: الثاني.

قال في "الإقناع"، وغيره: ويسن ضرب سدر ونحوه، فيغسل برغوته رأسه، ولحيته فقط، وبدنه بالثُّفْل (٣)، ويكون السدر في كل غسلة، ثم يفيض الماء القَرَاح -أي: الخالص من السدر- على جميع بدنه، فيكون


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (٢/ ٣٢١).
(٣) الثُّفل -بضم الثاء-: ما استقر تحت الشيء من كدرة. انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: ١٢٥٦)، (مادة: ثفل).

<<  <  ج: ص:  >  >>