للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عن أبي هريرةَ -رضي اللَّه عنه-: أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: العَجْماءُ) -بفتح العين المهملة وسكون الجيم والمد-؛ أي: البهيمة، سميت بذلك؛ لأنّها لا تتكلم، ويقال أيضًا لكل حيوان غير الإنسان، ويقال أيضًا لمن لا يُفصح، والمراد هنا: الأوّل (١).

(جُبَار) -بضم الجيم وتخفيف الموحدة-؛ أي: هدر غير مضمون (٢).

وفي لفظ لمسلم: "جرحُها جبارٌ" (٣)، ولا بُدَّ في رواية البخاري من تقدير؛ إذ لا معنى لكون العجماء نفسها هدرًا، وقد دلت رواية مسلم على أن ذلك المقدَّر هو الجرح، فوجب المصير إليه، لكن الحكم غير مختص به، بل هو مثال نبه به على غيره، والمراد: أنَّ إتلافات العجماء هدرٌ لا شيء فيه، وإنّما عبر بالجرح؛ لأنّه الأغلبُ، فإذا انفلتت دابةٌ، فصدمت إنسانًا، فأتلفته، أو أتلفت مالًا، فلا غرم على مالكها، أمّا إذا كان معها، فعليه ضمانُ ما أتلفته، سواء أتلفت ليلًا أو نهارًا، وسواء كان سائقَها أو راكبَهَا أو قائدَها، وسواء كان مالكَها، أو أجيرَه، أو مستأجرًا أو غاصبًا، أو موصًى له بنفعها، وسواءٌ أتلفَتْ بيدها، أو عضِّها، أو وَطْئها برجلِها، لا ما نفحت جيادًا لم يكبحها؛ أي: يجذبها بنحو لجام زيادة على العادة، أو يضربها في وجهها، ولو لمصلحة، ولا يضمن ما جنت بذنبها، وإن جنت على راكبها ونحوه، فهدر، وإن ركبها اثنان، ضمن الأوّل منهما، إلا أن يكون صغيرًا، أو مريضًا، ونحوهما، والثّاني متولٍّ تدبيرها، فعليه


(١) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٦٨)، و"فتح الباري" لابن حجر (١٢/ ٢٥٥).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٨٩).
(٣) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٧١٠/ ٤٥ - ٤٦)، وكذا هي في رواية البخاري المتقدم تخريجها برقم (٦٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>