وفي "الصحيحين" وغيرهما: أنّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في خطبته في حجة الوداع:"إنَّ الزمانَ قدِ استدارَ كهيئته يومَ خلقَ اللَّهُ السمواتِ والأرضَ، السنةُ اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعةٌ حُرُمٌ، ثلاثةٌ متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب" الحديث (١).
وأنزل اللَّه تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}[التوبة: ٣٦]، فأخبر سبحانه أنّ هذا هو الدين القيّم، لا ما عداه، فظهر بهذا عودُ المواقيت إلى الأهلّة، لا إلى العدد والحساب.
قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية -قدّس اللَّه روحه-: وقد ذهب قوم منتسبة إلى الشّيعة من الإسماعيليةِ وغيرِهم يقولون بالعدد دون الرؤية، ومبدأُ خروج هذه البدعة من الكوفة، فمنهم من يعتمد على جدول يزعمون أنّ جعفرًا الصادق دفعه إليهم، وهذا كذب مختلَق على جعفرٍ، اختلقه عليه عبدُ اللَّه بنُ معاوية، وقد ثبت بالنقل المرضي عن جعفر وعامة أئمة أهل البيت ما عليه جماعة المسلمين، ومنهم من يعتمد على أنّ رابع رجب أوّل رمضان، أو على أن خامس رمضان الماضي أوّل رمضان الحاضر، ومنهم من يروي عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثًا لا يُعرف في شيء من كتب الإسلام، ولا رواه عالم قط: أنّه قال: "يومُ صومِكم يومُ نحرِكم"، وغالب هؤلاء يوجبون أن يكون رمضان تامًا، ويمنعون أن يكون تسعة وعشرين يومًا.
قال شيخ الإسلام: لا خلافَ بين المسلمين أنّه إذا كان مبدأ الحكم في الهلال، حسبت الشهور كلها هلالية؛ مثل أن يصوم الكفارة في هلال المحرم، أو يتوفى زوج المرأة في هلال المحرم، أو يؤلي من امرأته في