للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن دقيق العيد: وهذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية؛ فإنّ إقامة السّنة، توجب الأجرَ وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية؛ كقوة البدن على الصّوم، وتيسيرِه من غير إجحافٍ به، والبركةُ محتملة لأن تضاف إلى كل واحد من الفعلِ والمتسحَّرِ به معًا، وليس ذلك من باب حمل اللفظ الواحد على معنيين مختلفين، بل من باب استعمال المجاز في لفظة "في"، وعلى هذا يجوز أن يقال: "فإنّ في السّحور بركةً" -بفتح السين-، وهو الأكثر، و-بضمها- (١).

قال القسطلَّاني: ومن وجوه البركة في السّحور: أن يبارك في اليسير منه، بحيث تحصل به الإعانةُ على الصوم، ومن ثمَّ جاء في الحديث: "ولو بشربةِ ماءٍ" (٢).

وعند الطبراني عن أبي أمامة مرفوعًا: "ولو بتمرة، ولو بحباتِ زبيب" (٣)، ويكون ذلك بالخاصية، كما بورك في الثريد، والاجتماع على الطعام، أو المراد بالبركة: نفي التبعة.

وفي حديث أبي هريرة؛ كما في "الفردوس": "ثلاثةٌ لا يُحاسب عليها العبدُ: أكلةُ السَّحَر، وما أفطرَ عليه، وما أكلَ مع الإخوان".

أو المراد بها: التقوي على الصّيام وغيره من أعمال النهار.

وفي حديث جابر عند ابن ماجه، والحاكم مرفوعًا: "استعينوا بطعامِ


(١) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٢) رواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٢/ ٣٥٧)، عن علي -رضي اللَّه عنه-.
(٣) رواه الطبراني في "مسند الشاميين" (١٦)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٢٤٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٦/ ٥٦ - ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>