للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أحبَّ أن يصومَ، فلا جُناحٌ عليه" (١)، وهذا ربما أشعرَ بأنه سأل عن صيام الفريضة؛ لأن الرخصة إنما تُطْلَق في مقابلة الواجب (٢)، وأصرَحُ من هذا ما رواه أَبو داود، والحاكم من طريق محمد بن حمزة بن عمرو، عن أبيه: أنه قال: يا رسول اللَّه! إني صاحبُ ظهر أعالجه أسافر عليه، [وأكريه] (٣)، وإنه ربما صادفني هذا الشهرُ -يعني: رمضان-، وأنا أجدُ القوة، وأجدني أن أصوم أهون عليَّ من أن أؤخره فيكونَ دَينًا عليّ، فقال: "أيَّ ذلك شِئْتَ يا حمزةُ" (٤).

وبهذا تعلم ما في كلام ابن دقيق العيد من القُصور (٥)؛ حيث قال: وربما استدل به من يُجيز صومَ رمضان في السفر، فمنعوا الدلالة من حيث ما ذكرنا؛ يعني: من عدم التصريح بأنه صومُ رمضان من عدم دلالته على كونه صومَ رمضان؛ لأن الحديث بعضُه يفسر بعضًا، وباجتماع طرقه تعلم الدلالة منه (٦)، واللَّه أعلم.

* * *


(١) رواه مسلم (١١٢١/ ١٠٧)، كتاب: الصيام، باب: التخيير في الصوم والفطر في السفر.
(٢) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٣٨٤)، نقلًا عن "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ١٨٠).
(٣) في الأصل: "وألزمه"، والصواب ما أثبت.
(٤) رواه أَبو داود (٢٤٠٣)، كتاب: الصوم، باب: الصوم في السفر، والحاكم في "المستدرك" (١٥٨١).
(٥) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ١٨٠).
(٦) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>